كردستان الصنارة الأميركية في العراق والجوار.
د.نسيب حطيط
إجتاحت "داعش" محافظات العراق الوسطى وهجرت المسيحيين والشيعة والأيزيديين والسنة الذين لم يبايعوها وارتكبت المجازر والإبادة الجماعية ولم يتحرك الغرب وأميركا .
دمرت الكنائس والمساجد ونبشت قبور الأنبياء واغتصبت النساء وذبحت الآلاف ولم يتحرك أحد وشاركها الأكراد والبعث العراقي في غزوة الموصل إما بالسكوت أو بالمشاركة وهلل بعض العراقيين "لداعش" واعتبروها ثورة أهل السنة والجماعة... لكن سرعان ماأنقلبت داعش عليهم أو أن أميركا أوعزت لها كما ورطت صدام حسين في غزو الكويت ثم حشدت العالم لقصفه وتحرير الكويت وكانت النهاية القضاء على الجيش العراقي وحصار العراق ثم غزوه في العام 2003 وتعيد أميركا ذات السيناريو فتبعث كلاب الصيد من داعش إلى أربيل ثم توعز للبارزاني بالإستغاثة بأميركا وتسارع لنجدته والعودة للعراق ... فيلم أميركي طويل يهدف لإعادة التموضع في المنطقة بالقرب من آبار النفط والغاز بعد فشل المشروع الأميركي عبر الربيع العربي وخوف أميركا من إنقلاب مشروعها عليها ، فحصرت مهمة النصرة وداعش والتكفيريين بفتح الأبواب أمام تحالف دولي جديد بقيادة أميركا لغزوالمنطقة ،تكراراً لما فعلته بعد أحداث 11 أيلول 2001 بغزو أفغانستان لتحريرها من طالبان والقاعدة وقد سارعت إلى إصدار قرار دولي من مجلس الأمن ضد النصرة وداعش توطئة لتوسيع تدخلها في سوريا والعراق ولتأمين غطاء دولي ولكنها تناست أن تكتب إسم أبو بكر البغدادي في قائمة المطلوبين من النصرة وداعش !!
بدأت أميركا بتحصين دولة كردستان بالسلاح والمال والغطاء العسكري والدعم الدولي وإعطائها الإنتصارات المعنوية والعسكرية والإيعاز لداعش بالتوقف عند حدود أربيل أولاً ثم الإنسحاب من سد الموصل وبعدها من كركوك والمناطق المتنازع عليها بين الحكومة المركزية والتي يطالب بها الأكراد لإستكمال دولتهم.
لقد صرح الرئيس الأميركي أوباما بأن التدخل الأميركي في العراق لحماية المصالح الأميركية وليست من أجل أحد لا السنة ولا الشيعة أو المسحيين أو الأيزيديين ولا حتى الأكراد... المصالح الأميركية هي الهدف وتمثل كردستان ( صنارة الصيد )الأميركية لإصطياد العراق ومكوناته وطوائفه الواحدة تلو الأخرى ، ليس بالغزو بل بالإستغاثة العراقية والمؤسف حقاً أن يستدعي العراقيون المحتل الأميركي بعدما طردته المقاومة ويصبح الجلاد هو القاضي والمخلص.
كردستان محمية أميركية وقاعدة عسكرية كبرى على حدود إيران وتمد ذراعها إلى سوريا وتجهض العراق وتأسره وتمثل نقطة الإرتكاز الثانية للمشروع الأميركي بعد أسرائيل وتتكامل مع القائمة الثالثة في جنوب السودان.
لقد نجح الأميركيون مرحلياً بالعودة إلى العراق دون جيوش برية بواسطة داعش والفتنة المذهبية ،العراق نموذج رمزي للشرق الأوسط الجديد... القسمة للجغرافيا والشعب ثم إبتلاعهم لقمة لقمة ... وسقوط العراق بالقبضة الأميركية.
هل ينجح المشروع الأميركي في العراق والمنطقة... أعتقد أن المقاومة ستعيد التوازن وتفشل المشروع الذي هزم عام 2006 في لبنان وتم إفشاله في سوريا... لكننا أمام حرب طويلة تتلون فيها الأفعى وتبدل جلدها فتارة تكون إحتلالاً أميركياً أو عدواناً إسرائيلياً ثم تتحول حركة جهادية تكفيرية من القاعدة إلى داعش والنصرة.. ثم قومية كردية ثم فتنة مذهبية.
النفط والغاز روح العالم الصناعي... من يسيطر عليها لا حاجة له بالجيوش الغازية لإحتلال بقية العالم... فهو الذي يحكم الإقتصاد والقرار السياسي ويحاصر الدول... إينما وجد النفط أو أكتشف سيكون هناك حروب ومجازر... وكردستان بئر نفط كبير تماماً كما قطر والسعودية مع إستثنائية موقعها الجيوسياسي والأمني وسهولة السيطرة عليها لضعفها وفقرها وشعورها بالعزلة والغربة مع المحيط والجوار والحلم التاريخي ببناء دولة مستقلة.
كردستان صنارة أميركا في العراق والجوار.. لن تصبح دولة ولن تذوب في الكيان العراقي إنها "مخيم دولة" تحت رحمة أميركا وإستغلالها عسكرياً وسياسياً للمصلحة الأميركية وستعود لحجمها إذا أرادت أميركا... كردستان النموذج الذي يتكرر في العالم العربي في سوريا ولبنان وتركيا والسعودية ومصر وليبيا وغيرها.
من يريد رؤية مستقبله فلينظر إلى كردستان والموصل والرقة ضمن منظومة العبودية المعاصرة إن صمت أو تآمرً ومن يريد الحرية والكرامة لأولاده والأجيال القادمة فليحمل السلاح وينبذ التعصب وليتحد مع الشرفاء لمواجهة المشروع الأميركي التكفيري الذي يغتصب الأمة.